• ١٥ كانون ثاني/يناير ٢٠٢٥ | ١٥ رجب ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المصافحة العابرة مكسب لنتانياهو ..

جبريل عودة

المصافحة العابرة مكسب لنتانياهو ..

لا يمكن للقائد أو الزعيم أو الرئيس أن ينسلخ عن حالة الشعور العام  لشعبه، ولا يعقل أن يكون الرئيس بواد الانفتاح على العدو والالتقاء به تحت أضواء المناسبات الدولية، وشعبه في واد القمع والظلم والدم الذي يراق بإعدامات ميدانية ينفذها جنود العدو، لا يجدي الأداء الرسمي ولا يكترث به أن لم يكن يعبر عن القاعدة الشعبية وطموحاتها وآمالها، حيث يفتخر أي رئيس بأنه يستمد شرعيته من تلك الجماهير عند الإقدام على أي خطوات مصيرية، وخطورة حادثة باريس والمصافحة العابرة خلال قمة المناخ بين الرئيس عباس والإرهابي نتانياهو، أنها تعكس إنطباعات خطيرة في كافة الإتجاهات، أليس هناك رجل رشيد في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، يوجه أو ينبه لخطورة تلك اللقطات الاستعراضية على الموقف الفلسطيني ومسيرة نضال الشعب الفلسطيني، حيث يخوض شبابنا إنتفاضة القدس رفضاً لإجراءات وعدوان حكومة نتانياهو الإرهابية.

الانطباع الصهيوني عن تلك المصافحة أن الرئيس عباس يفقد كل أوارق القوة وهو في حالة ضعف، ولا يمثل زعيم ثورة أو قائد لشعب يسعى إلى التحرر، وأنه يستجدي اللقاء مع نتانياهو وعندما سنحت الفرصة لم يفوتها، فكان اللقاء العابر في قمة باريس والذي التقطته عدسات الكاميرات العالمية بين زحمة اللقاءات بين الزعماء، ولقد شعر نتانياهو بالقوة والهيمنة وأن إجراءاته القمعية ضد أهلنا في الضفة والقدس حققت نتائجها، وأن الفلسطيني الرسمي قد أعلن فشل الحراك الجماهيري على الأرض، وتحققت النتيجة في العقل الصهيوني بخطوة الرئيس عباس واستعداده وتقدمه نحو نتانياهو للمصافحة، هذا على فرض صحة الاتهامات السابقة الصادرة من نتانياهو، بأن الرئيس عباس أحد أطراف التحريض ضد الصهاينة، رغم أن هذا الإتهام يتنافى مع كل الإجراءات التي تقوم بها السلطة للحد من تصاعد الانتفاضة عبر إجراءاتها الأمنية.

الانطباع العربي والدولي بعد تلك المصافحة، والتي تأتي في ظل استمرار نزيف الدم الفلسطيني وارتقاء 105 من الشهداء الأطهار، خلال شهرين من اندلاع انتفاضة القدس، أن الأمور تصير إلى الهدوء والسيطرة، وهذا الهدف الذي تركزت عليه زيارة جون كيري الأخيرة، فهل كانت تلك المصافحة أول إشارات الهدوء المطلوب على الصعيد السياسي والميداني، وهل يعقب تلك المصافحة خطوات عملية من قبل أجهزة أمن السلطة لوقف الأحداث الانتفاضية بشكل كامل؟، وهل تستطيع تلك اللقطة تبديد المشاهد الدامية في الوطن الفلسطيني المحتل، حيث الشهداء والجرحى والأسرى، حيث حواجز القمع الإحتلالية، والاقتحام اليومي للمدن الفلسطينية، وتدنيس الأقصى المتواصل بالاقتحامات اليومية بحماية جنود نتانياهو، كل تلك الجرائم والاعتداءات الصهيونية تمكث وتتفاعل في العقل الجمعي الوطني الفلسطيني، الذي سينفجر في وجه كل من يقف حائلاً أو عائقاً أمام مسيرته نحو التحرير واقتلاع الإحتلال  .

شاهدنا كيف تجاهل زعماء العالم الحديث عن القضية الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأم المتحدة في أواخر شهر سبتمبر 2015م، فليس هناك ما يعكر صفوة الإحتلال الصهيوني وأمنه، ولكن عندما اندلعت انتفاضة القدس تحركت الوفود المختلفة والمبادرات الدولية لوقف الانتفاضة لما فيه مصلحة للإحتلال الصهيوني، فالفعل المقاوم في مواجهة إجراءات الاحتلال حرك المياه الراكدة، وأعاد القضية الفلسطينية لصدارة المشهد العالمي، فلماذا لا تستكمل الوفود الفلسطينية الرسمية هذا المشهد الشعبي البطولي، لتؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في أرضه وحقه أن يستخدم في سبيل إنجاز ذلك، كافة الوسائل بما فيها الانتفاضة الشاملة المسلحة، كباقي الشعوب التي استعادة أوطانها عبر المقاومة والحرب الشعبية.

ما كان للرئيس عباس أن يسمح بتلك المصافحة أبداً، فهو في المحفل الدولي لا يمثل شخصه أو سلطة بل يمثل شعب بأكمله، ولا ينسى أن شعبنا يخوض مواجهة شرسة لتأكيد الوجود الفلسطيني ضد مشاريع التهويد الصهيونية المتواصلة، الرئيس عباس أخطأ في تلك الخطوة وسيكون لها أثراً كبيراً في زيادة الغطرسة والعنجيهة الصهيونية، وستزيد من تصلب نتانياهو وخاصة بعد فشل زيارة كيري في تحقيق أي إنفراجه على صعيد التسوية التي لازالت تؤمن بها السلطة وقادتها، كان على الرئيس عباس أن يوحي للمجتمع الدولي بأن الصراع في فلسطين محتدم ومشتعل، وخاصة بعد تصريحات نتانياهو بأن لن يمنح السلطة شبرا واحداً من أرض الضفة، كان على الرئيس عباس أن يقول للجميع بأن القضية الفلسطينية لا تقل سخونة على الأزمة التركية السورية والتي أشغلت العالم في الأيام الماضية بأن يشيح بوجه على نتانياهو ولا يقابله بتلك الابتسامة التي أبكت وأحزنت قلوب عوائل الشهداء، أين من كانوا يتحدون عن الاشتباك التفاوضي؟ وأنه أخطر من الاشتباك العسكري، لم نرى منكم غيرة وغضب لدماء الشهداء وآلام الجرحى لم نرى ولو تكشيرة في وجه القاتل نتانياهو!!.

ما نريده للسلطة ورئيسها عدم الانسلاخ عن القاعدة الشعبية، وإلّا فأنها ستجد نفسها في خانة بعيدة عن عناية الشعب الفلسطيني واهتمامه، والسلطة بغير ظهير شعبي عرضه لن تذهب بها رياح الغضب الجماهيري، ولعلنا نكرر ذلك لحرصنا الوطني الشامل وإيمانناً بأن جميع مكونات الشعب الفلسطيني يقع عليها واجب المساهمة في نضال شعبنا ودعمه حتى تحقيق الأهداف الوطنية بالحرية والاستقلال، ومن يتأخر عن الواجب الوطني سيكون الخاسر ولن يكون له مكان أو صدارة .

ارسال التعليق

Top